Friday, December 23, 2011

أساسيات النظام الاقتصادي الإسلامي

في مجال التطبيق (2)

د : حسين شحاتة



القواعد الكلية للنظام الاقتصادي الإسلامي

يقوم النظام الاقتصادي الإسلامي بطبيعته على القواعد الكلية التالية :



أولاً : الالتزام بالقيم الإيمانية عند ممارسة النشاط الاقتصادي، ويعتبر ذلك عبادة إذا ما قصد به وجه الله سبحانه وتعالى، لذلك يجب أن يراعي فيه التقوى والخشية من المحاسبة أمام الله، وهذا يحقق نوعا من تميز الاقتصاد الإسلامي على ما عداه من النظم الاقتصادية الأخرى مثل وهي الرقابة الذاتية والإيمان الكامل باليوم الآخر والمحاسبة أمام الله عز وجل عن كسبة وإنفاقه . 


ثانياً : الالتزام بالقيم الأخلاقية في المعاملات الاقتصادية ومن أهمها : الأمانة والصدق، والسماحة في المعاملات، والاعتدال، والقناعة في الربح، والتيسير على المعسر، والتصدق على المفلس، والتعاون على البر، والالتزام بروح الأخوة والإيثار .


ثالثاً : الأصل في المعاملات الاقتصادية الحل إلا ما نص الشرع على تحريمه مثل الربا بكافة صوره والاحتكار والغش والغرر والرشوة، وكل معاملة تؤدي إلي أكل أموال الغير ظلما وعدوانا واستحلالها بدون وجه حق .


رابعاً : لا يجوز للدولة أن تأخذ من أموال الناس ما يزيد عن الزكاة (أو الجزية) أو غيرها من الرسوم المقررة إلا بقرار سياسي مبني على مشاورة أهل الحل والعقد من المسلمين وموافقتهم، وذلك بعد تعويض من يؤخذ منهم المال بالحق وأساس ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله " (رواه مسلم ) .
خامساً : أساس الكسب المشروع بذل الجهد والتعرض للمخاطر، وربط الغنم بالغرم، فلا كسب بلا جهد، ولا جهد بلا كسب، مصداقا لقول الله تبارك وتعالى: "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِه"ِ (تبارك "15") .


سادساً : أن الله قد خلق من الأرزاق ما يكفل حياة كريمة للمخلوقات وعلى الإنسان أن يسعى في الحصول على الرزق الطيب، ولما كان الإنسان يميل بغريزته إلي الاستكثار من الطيبات فوق الضروريات والحاجيات، لذلك ظهر ما يسمى بالندرة النسبية وعلاجها يكون عن طريق ترشيد الاستهلاك وزيادة الإنتاج، مصداقا لقول الله تبارك وتعالى " وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً " ( سورة النساء "100") .


سابعاً : أن العمل الصالح المتقن وسيلة الكسب المادي وغايته التقوية على عبادة الله، فالمادة وسيلة بناء الجسد، والعبادة لتغذية الروح، ويلزم على الفرد أن يوازن بينهما بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر .


ثامناً : إن المعاملات الاقتصادية هي علاقات تعاقدية تخضع لشروط العقد وأحكامه بصفة عامة والبيوع بصفة خاصة، ومن ثم يجب توثيقها بالكتابة والتسجيل أو غيرهما، ولقد أشار إلي ذلك القرآن الكريم بقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ " (البقرة " 282") .


تاسعاً : حماية الملكية الخاصة المكونة بالحق والمقيدة بعدم الاعتداء على حقوق الآخرين وأدائها لحقوق المجتمع، ويجوز أن يكون بجانبها الملكية العامة والملكية التعاونية ليقوما بدورهما في التنمية الشاملة في المجالات التي يحجم عنها الأفراد .


عاشراً : مجال المعاملات الاقتصادية هو الطيبات طبقاً للأولويات الإسلامية وهي الضروريات فالحاجيات فالتحسينات لتحقق مقاصد الشريعة الإسلامية وهي حفظ الدين والعقل والنفس والعرض والمال .
تمثل القواعد السابقة الكليات المستقرة، وعلى الفقهاء الاجتهاد في مجال الفروع والأساليب وإجراءات التطبيق بما يلائم ظروف كل زمان ومكان، وهذا ما يعطي البرنامج الاقتصادي الإسلامي سمة الثبات والمرونة .

No comments:

Post a Comment